المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2025

التشيؤ بين المطرقة والمجهر: من لوكاش إلى هابرماس

صورة
  التشيؤ بين المطرقة والمجهر: من لوكاش إلى هابرماس بقلم عدنان الطائي   أجل، ما أشار اليه صديقي الأستاذ Azad Mustafa على الفيسبوك حين قراء مقالتي المنشورة على صفحتي بعنوان (حين يتحوّل الإنسان إلى شيء: قراءة في التشيؤ والنظام الاقتصادي الهجين) كانت غاية في الدقة، حيث اشار إلى يورغن هابرماس الفيلسوف الألماني المعاصر في سياق نقد التشيؤ مهمة جدًا، بل اعتبرتها في محلها تمامًا . والان أقدم هذه المقالة تحت عنوان (التشيؤ بين المطرقة والمجهر: من لوكاش إلى هابرماس )   في سجلات الفلسفة الاجتماعية الحديثة، يبرز مفهوم " التشيؤ " كمفتاح لفهم أزمة الإنسان في عصر الحداثة، وقد قدّمه لأول مرة الفيلسوف المجري جورج لوكاش سنة 1923 في كتابه " التاريخ والوعي الطبقي " . ثم جاء الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس بعد عقود، ليعيد تفكيك الظاهرة ضمن منظور أشمل وأكثر تركيبًا، لا يقتصر على الاقتصاد وحده، بل يمتد إلى اللغة والإعلام والسياسة والحياة اليومية . أولاً: لوكاش – التشيؤ بوصفه تغريبًا طبقيًا يرى لوكاش أن الرأسمالية لا تُنتج فقط سلعا، بل تُنتج بشراً مشيّئين . العامل، المستهلك، ال...

قصة قصيرة جدا جدا ما بعد الصمت

صورة
  قصة قصيرة جدا جدا ما بعد الصمت كان يشعر بوجودها . رائحتها، أثر خطواتها، صدى ضحكتها في الجدران القديمة ، تبعها في الممرات، كانت تسبق خطواته بخفة، يدور معها من غرفة إلى أخرى، يناديها… لا ترد، لم يصدقه أحد انها ماتت .. لكنه ما زال يسمعها تناديه . حتى أدرك متأخراً : أن الموت لا يُنهي الحضور، بل يحرره من الجسد، وأن الأرواح… تبقى إن لم تجد وداعاً .   كانت هنا حين دخل القصر لأول مرة منذ سنوات . رأى الفستان الأبيض يمر كالنسمة أمامه . سمع خطواتها تهمس على البلاط . لحق بها… لكنها اختفت . فقالت له الخادمة : " لكنها دفنت في الحديقة، أنت من دفنها بيدك ." ارتجف . هل كانت هنا؟ أم أنه ما زال لم يغفر لها؟ عدنان الطائي    

حين يتحوّل الإنسان إلى شيء: قراءة في التشيؤ والنظام الاقتصادي الهجين

صورة
  حين يتحوّل الإنسان إلى شيء: قراءة في التشيؤ والنظام الاقتصادي الهجين بقل م عدنان الطائي       ان مفهوم " التشيؤ " (Reification) كما طرحه جورج لوكاش يمثل نقداً جوهرياً للمنظومة الرأسمالية الحديثة، خصوصاً في تعاملها مع الإنسان كرقم، او شيء، أو سلعة، أو وظيفة إنتاجية مجردة. والسؤال الذي نطرحه حول النظام الاقتصادي الهجين (كما في الدنمارك مثلاً) الغرض منه إزالة التناقض مع مفهوم التشيؤ. لذا ينبغي ان يُلقي الضوء على التوتر القائم بين الواقع الاقتصادي الحديث والهوية الإنسانية والفكرية للفرد . أولاً: عن التشيؤ والواقع الرأسمالي لوكاش رأى أن الرأسمالية تفكك العلاقات الاجتماعية إلى علاقات مادية باردة، أي يصبح كل شيء قابلاً للبيع والشراء، حتى المشاعر، والعلاقات، والوقت، والهوية. هذه الرؤية كانت نقداً لما آلت إليه المجتمعات الصناعية، حيث الإنسان صار أداة ضمن آلة كبيرة، يُقاس إنتاجه لا روحه . ورغم كونه ماركسيا وطرح هذا المفهوم وسط الأدبيات الماركسية إلا أن المصطلح صار يستخدم من اتجاهات مختلفة حتى غير الماركسية منها لنقد ما آل إليه وضع إنسان الحضارة الغربية . ...

إلى من ادّعت أنها شمسٌ

صورة
  إلى من ادّعت أنها شمسٌ ادّعيتِ أنكِ شمسٌ لا تعرفُ الأفولا، ونسيتِ أن الشمس تغربُ من المغربِ، من غير أن يُسألَ لها مآلا، بل سكونا وإن لم تغبْ… أحرقتِ وجهَكِ دونَ أثر، وليس لها بديل ا ونفختِ في وجه الرمال، فحسبتِها هباءً، وتغافلتِ … أن الرملَ أصلُ الخلود، ومهدُ الحضارات، وذاكرةُ الأبد، مهما الزمان مدّ نفسه طولا . فتواضعي … فالنورُ الحقُّ لا يصرخُ، بل يضيءُ دونَ صخبٍ، والمجدُ لا يُقال كالريح … إن ذهب، لا يرجع كما قيلا . المجدُ كالأعلام لا يختفي، بل يُترك ليُحدّث عن ذاته، بصمتٍ سامقٍ كالقمر، ليس له مثيلا من دون وسيطٍ، أو زينةِ أحرفٍ جوفاء … في مخيال شاعرٍ جهولا . عدنان الطائي

من أفشى سرّ تشي جيفارا؟ حين تواطأت الجغرافيا والتاريخ على حلمٍ ثوري

صورة
  من أفشى سرّ تشي جيفارا؟ حين تواطأت الجغرافيا والتاريخ على حلمٍ ثوري بقلم: عدنان الطائي في جبال بوليفيا القاسية، حيث الطبيعة قاسية كقلوب الجنرالات، انتهت حياة الثائر الأممي إرنستو "تشي" جيفارا، ذات صباح غائم من تشرين الأول/أكتوبر 1967، لكن سؤاله لم يمت : " من خانه؟ ومن أمر بإعدامه؟ " بعد أكثر من نصف قرن، لا تزال الأسئلة تحوم فوق جثته المسجاة بالرصاص، وتضج بها كتب التاريخ، في صمتٍ يشبه طلقاتٍ خرساء لم تصب إلا قلب الحقيقة . الدخول إلى المتاهة: بوليفيا، 1966 دخل تشي بوليفيا متنكّرًا بجواز سفر مزور يحمل اسم "أدولفو مينا غونزاليس"، حالمًا بثورة جديدة في قلب أميركا اللاتينية، تقود شعوب القارة إلى التحرر من الهيمنة والإقطاع والاستعمار الجديد. لكن البلاد كانت صامتة، والناس متوجسين، والخونة أقرب من الرفاق . ما لم يعلمه جيفارا أن بوليفيا لم تكن كوبا، ولا شعبها كان مستعدًا للالتحاق بقطار الثورة. في الجبال والغابات، لم يكن العدو فقط الجيش، بل الغربة، والعزلة، ووشاية من كان بالأمس "الرفيق ". خيانة... لكنها مركبة لم يسقط جيفارا ضحية خيانة فرد، بل ...