مقارنة بين المرجعيات الدينية الشيعية

 

مقارنة بين المرجعيات الدينية الشيعية

مقارنة فكرية موجزة تُبيّن الفروقات غير المتشابهة بين الخميني وخامنئي والسيستاني، مع التركيز على الجوانب الفكرية والدينية والسياسية:

.1 آية الله روح الله الخميني (1902-1989)

الفكر السياسي والديني:

  • مؤسس ولاية الفقيه المطلقة: يرى أن الفقيه يجب أن يتولى الحكم المطلق، نيابة عن الإمام المهدي الغائب.
  • يؤمن أن الدولة الإسلامية بقيادة الفقيه واجبة شرعاً، ولا بد من إقامة نظام ديني ثوري.
  • يعتمد منهج التصعيد الثوري وتصدير الثورة إلى الخارج، ويرى أن الإسلام لا ينفصل عن السياسة.

الطابع العام:

  • ثوري، راديكالي، لا يعترف بحدود الدولة القومية التقليدية.
  • يرى أن العالم الإسلامي يجب أن يُقاد من قبل نظام ولاية الفقيه.

.2 آية الله علي خامنئي (1939–)

الفكر السياسي والديني:

  • وريث ولاية الفقيه المطلقة، لكنه أقل فقهًا من الخميني، وأكثر اعتمادًا على المؤسسات الأمنية والعسكرية (الحرس الثوري).
  • يخلط بين الدين والسياسة لكن بصورة أكثر براغماتية.
  • يؤمن بضرورة حماية النظام الإسلامي بأي وسيلة، حتى لو على حساب بعض المبادئ.

الطابع العام:

  • سلطوي، يُوظف الدين لخدمة النظام وليس العكس.
  • يميل إلى المرونة الظاهرية في السياسة الخارجية، لكن متمسك بنظام ولاية الفقيه داخليًا.
  • يعتمد على شبكة ولائية في المنطقة (حزب الله، الميليشيات العراقية، الحوثيين...).

. 3 آية الله علي السيستاني (1930–)

الفكر السياسي والديني:

  • لا يؤمن بـ"ولاية الفقيه المطلقة"، بل يعتقد بـ"الولاية في الأمور الحسبية والجزئية") أي في غياب الدولة فقط(.
  • يفصل بين المرجعية الدينية والحكم السياسي، ولا يرى أن الفقيه يجب أن يتسلط على الدولة.
  • يرفض قيام نظام ديني على غرار إيران، ويؤمن بـ"الدولة المدنية ذات الطابع الإسلامي".

الطابع العام:

  • احترازي، تقليدي، يميل إلى الصمت والتأثير غير المباشر.
  • يُفضّل أن يكون دور المرجع أخلاقيًا واجتماعيًا لا سياسيًا مباشرًا.
  • رغم نفوذه الكبير في العراق، لم يطالب بسلطة سياسية، بل دعا إلى احترام الدستور والانتخابات.

 الراي المنطقي وذو حكمة عالية في بناء العراق متعدد المكونات، من الضرورة الحث على القبول بنهج السيد السيستاني كمرجعية فكرية تفتح الطريق نحو دولة مدنية رشيدة في ظل عالم متغير، وفي زمن تتصارع فيه الأفكار بين التطرف والانفلات، وبين الاستبداد الديني والعلمنة المتطرفة، يبرز النهج الفكري للسيد علي السيستاني كجسر متين نحو الاعتدال والكرامة السياسية. لقد أثبت هذا المرجع الديني الكبير، أن الإسلام لا يُختزل بالسلطة، ولا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالحكمة والرعاية الأخلاقية للمجتمع. ففكر السيستاني لا يقوم على ولاية الفقيه المطلقة، بل يرى أن الدين يجب أن يكون مُلهمًا للضمير لا حاكمًا بالسوط. لذلك يدعو إلى دولة مدنية تحترم الدين، دون أن تتحول إلى ثيوقراطية.. بل يدعو الى الدستور، الانتخابات، احترام القانون وعدم عسكرة الدين وتسيس الطائفة.

     ورب سائل يسال لماذا يُقبل هذا النهج؟ لأنه يُحقق التوازن الذي نبحث عنه: في الهوية دون تعصب وتحقيق العدالة دون استبداد والايمان بالعقائد والمبادئ دون قهر.. ومن هذه المبادئ ساهم السيستاني في حماية العملية الديمقراطية، وضبط السلاح المنفلت، ووقف ضد التوريث السياسي والتسلط الحزبي، وهو ما جعله أقرب إلى ضمير الشعب لا سلطته.

     اذن إن فكر السيستاني هو أحد النماذج القليلة في العالم الإسلامي التي تُقدّم مرجعية دينية تؤمن بالدولة المدنية، وتُحافظ على الدين كقيمة روحية لا وسيلة حكم.. فلنجعل من هذا النهج أرضًا صالحة لحوار وطني شامل، يُفضي إلى عقد اجتماعي جديد، يليق بنا وبأجيالنا القادمة.

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

الإبراهيمية: بين دعوة التعايش ومشروع التطبيع