(كُتيب تحليلي: العراق بين ديكتاتورية الفرد وفوضى الجماعات)

 

(كُتيب تحليلي: العراق بين ديكتاتورية الفرد وفوضى الجماعات)

اعداد: عدنان الطائي

مقدمة: من صدام إلى المحاصصة

بعد إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003، دخل العراق عهدًا جديدًا كان يُؤمل أن يكون ديمقراطيًا، ينقذ البلاد من قبضة الطغيان. غير أن هذا التحول أتى بتدخل أمريكي مباشر، وبدلًا من بناء دولة مؤسسات وطنية، تم تشكيل نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والعرقية، مما أدى إلى تفكيك الدولة وتحويلها إلى ساحة لصراعات داخلية وخارجية.

الفصل الأول: ترسيخ الطائفية بقالب ديمقراطي

  • مجلس الحكم (2003): بداية تقاسم السلطات على أساس الهويات وليس الكفاءات.
  • الدستور (2005): صِيغ تحت ضغط خارجي وداخلي، وكرّس مبدأ تقاسم السلطات بين المكونات بدلًا من ترسيخ المواطنة.
  • نتيجة ذلك: ظهور طبقة سياسية لا تمثل الشعب، بل تمثل مصالح المكونات الطائفية والقومية، وتعمل على ضمان بقائها في السلطة.

الفصل الثاني: صعود القوى الدينية والعرقية المسلحة

. 1 الأحزاب الشيعية:

  • نوري المالكي: هيمن على الدولة، خلق منظومة فساد معقدة، ومهّد لنشوء الدولة العميقة.
  • عمار الحكيم: واجهة مدنية لسلطة دينية تقليدية، مرن سياسيًا لكن جزء من منظومة المحاصصة.
  • قيس الخزعلي وهادي العامري: زعماء ميليشيات مرتبطة بإيران، لعبوا أدوارًا أمنية خطيرة، واخترقوا أجهزة الدولة.
  • التيار الصدري: رغم ادعائه الاستقلال، فقد كان في كثير من المحطات داعمًا لهذه الممارسات، سواء عبر السكوت أو الانسحابات التكتيكية من المشهد السياسي، ومارس العديد من أنصاره نفس الأساليب التي مارسها الآخرون من قمع وفساد واحتلال مؤسسات الدولة. كما أن انسحابه من البرلمان عام 2022، فسح المجال أمام خصومه لتثبيت أركان منظومة اللصوصية المسلحة تحت غطاء قانوني، مما أدى إلى تعقيد المشهد وزيادة هيمنة الميليشيات على القرار السياسي.

. 2 القوى الكردية:

  • مسعود البرزاني: حكم إقليم كردستان بطريقة سلطوية عشائرية، تصرف كدولة داخل الدولة، واستغل الموارد المالية والنفطية لمصالح حزبية.

.3 القوى السنية:

  • بعد الإقصاء، ظهر بعض القادة السُنة المدعومين إقليميًا، لكنهم ضعفاء ومخترقون. نشأت ميليشيات سنية تابعة للحشد دون رؤية وطنية.

الفصل الثالث: الميليشيات والدولة العميقة

  • الحشد الشعبي: شرعن وجود الميليشيات، لكنه بقي خارج السيطرة الفعلية للحكومة.
  • الاغتيالات والخطف: طالت ناشطين وصحفيين، في محاولة لإسكات أي مشروع تغيير.
  • الوظائف والمناصب: تُوزع عبر الولاء الحزبي لا الخبرة، مما أدى لانهيار مؤسسات الدولة. 

الفصل الرابع: التدخلات الخارجية وتفتيت السيادة

  • إيران: صاحبة الكلمة الأقوى في اختيار رؤساء الوزراء وتشكيل التحالفات الشيعية.
  • أمريكا: رغم العداء الظاهري لإيران، إلا أن هناك تخادمًا واضحًا في الملف العراقي. فقد سمحت واشنطن، ضمن تفاهمات غير معلنة، بتشكيل حكومة غير شرعية في بغداد، تقودها ميليشيات وعصابات نهب المال العام ومصارف الدولة، مقابل وعود تتعلق بتثبيت الاستقرار الشكلي وضمان المصالح الأميركية في الملفين الأمني والنفطي.
  • تركيا ودول الخليج: تدعم أطرافًا سنية أو قومية لتحقيق توازن ضد إيران، لكن دون استراتيجية حقيقية لبناء الدولة.
  • المجتمع الدولي: صامت أو متواطئ، يتعامل مع الحكومات وفق منطق المصالح الاقتصادية والسياسية، ويتجاهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهو ما وفر غطاءً ضمنيًا لتمدد الميليشيات وتعميق الفساد.

الفصل الخامس: الشعب بين الثورة واليأس

  • تظاهرات تشرين 2019: كشفت عن وعي شعبي جديد يرفض النظام الطائفي.
  • رد الفعل الرسمي: قمع دموي عبر الميليشيات، واغتيال قادة الحراك.
  • النتيجة: حالة إحباط شعبي، ولكن مع وجود بذور لثورة مدنية مستقبلية.

الفصل السادس: مقترح مشروع إنقاذ وطني

أولًا: داخليًا

1.  بناء قيادة وطنية عابرة للطوائف، قائمة على الكفاءة والولاء للعراق فقط.

2.  تشكيل جبهة مدنية علمانية تتبنى خطابًا واضحًا ضد الطائفية.

3.  خلق إعلام وطني مستقل يكشف فساد السلطة ويعزز وعي الشعب.

  1. الاعتماد على الشباب الواعي لقيادة مرحلة جديدة.

ثانيًا: خارجيًا

1.  مخاطبة المجتمع الدولي بلغة المصالح المشتركة: لا يمكن للعراق أن يستعيد سيادته ما لم يُقدّم نفسه كشريك استراتيجي للاستقرار.

2.  الضغط السياسي عبر المنظمات الدولية: توثيق جرائم الميليشيات وتقديم ملفاتها للمحاكم الدولية.

3.  التوازن في العلاقات: إنهاء حالة التبعية لأي محور، سواء الإيراني أو الأمريكي، والعمل على خلق محور وطني مستقل.

4.  الاستفادة من الدعم الدولي: ليس عبر التبعية، بل عبر صفقات شفافة لدعم البنى التحتية، والتعليم، والطاقات المتجددة.

خاتمة: الطريق نحو التغيير

إن العراق بحاجة إلى:

1.  ثورة فكرية وطنية مدنية.

2.  إلغاء المحاصصة الطائفية كليًا.

3.  إخراج الميليشيات من مفاصل الدولة.

4.  إعادة بناء المؤسسات وفق مبدأ الكفاءة والمواطنة.

5.  تحقيق توازن في العلاقات الخارجية يمنع الهيمنة ويخدم المصلحة الوطنية.

6.  خلق مشروع وطني جامع يعيد الثقة بين الشعب والدولة.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

الإبراهيمية: بين دعوة التعايش ومشروع التطبيع