رسالة مفتوحة:
إلى الحزب الشيوعي العراقي — هل ضللتم طريقكم؟

    في هذه اللحظة التاريخية الخطيرة التي يمر بها العراق، حيث استشرى الفساد، واستُبيحت السيادة الوطنية لصالح التدخلات الإيرانية والأمريكية، لم يعد السكوت أو التعايش مع النظام القائم خيارًا مقبولًا. ولهذا، أجد لزامًا علينا أن نوجه هذه الكلمة الصريحة إلى الحزب الشيوعي العراقي:

هل كان خيار المشاركة في الانتخابات هو القرار الصائب؟

   لقد ارتكب الحزب خطأً استراتيجياً كبيراً حين قرر الذهاب إلى صناديق اقتراع فقدت معناها الحقيقي منذ سنوات طويلة. الانتخابات التي جرت، وتجري، تحت حراب المليشيات وبأموال الفساد، ليست سوى مسرحية مكشوفة تعيد تدوير النظام العميل الذي يتغذى على خراب العراق ودماء شعبه. بمشاركة الحزب الشيوعي، مع كامل الاحترام لمبادئه الوطنية، تم منح شرعية مجانية لحكومة فاقدة للشرعية الأخلاقية والسياسية، ما سمح لما يلي أن يحدث:

  • ترسيخ سلطة الأحزاب الطائفية العميلة لإيران وأمريكا.
  • إضفاء غطاء قانوني على مشروع تزييف إرادة الشعب.
  • ضرب الروح الثورية لدى جمهور كان ينتظر من الحزب وقفة بطولية في الشارع، لا في أوراق الاقتراع.

الدليل على خطورة المسار الانتخابي:

  • بعد كل انتخابات منذ 2005، ازداد الفساد، وازداد الفقر، وازدادت الهيمنة الأجنبية، وأصبحت الحكومات أضعف وأكثر تبعية.
  • نسب المشاركة الشعبية انخفضت إلى حدود خطيرة (أقل من 20% أحياناً)، ما يعني أن الانتخابات لا تعبر عن إرادة حقيقية.
  • النخب السياسية الحاكمة، بكل وضوح، تسيطر على مفوضية الانتخابات والقضاء، وتحدد نتائج الانتخابات بما يخدم استمرارها.

ما الذي كان ينبغي أن يفعله الحزب؟

بدل الذهاب إلى الانتخابات، كان يجب على الحزب أن:

  • يتحالف مع القوى المدنية، والنقابات، والحركات الطلابية، وحركات الاحتجاج، لتشكيل جبهة وطنية ضاغطة.
  • يتبنى خيار العصيان المدني والإضرابات المنظمة كوسيلة ضغط على النظام السياسي.
  • يقود التظاهرات السلمية مع رفع مطالب وطنية واضحة: إسقاط نظام المحاصصة، استعادة السيادة الوطنية، ومحاكمة الفاسدين والعملاء.
  • تعزيز الوعي الشعبي الثوري عبر حملات تثقيف حقيقية، لا فقط نشرات انتخابية سطحية.

الخاتمة:

يا رفاقنا الشيوعيين، لقد ضللتم الطريق.

    التحرر لا يأتي من داخل صناديق الانتخاب المسمومة، بل من الشوارع والساحات التي تفيض بالكرامة والغضب الوطني. لا شرعية لنظام جاء على ظهر الدبابات الأجنبية وأموال الفساد. ولا خيار أمام الأحرار إلا طريق التغيير الجذري، الذي يتطلب ثورة شعبية واعية لا انتخابًا مزيفًا. ما زال أمامكم فرصة للعودة إلى الميدان، حيث صوت العراق الحقيقي، لا في أروقة المؤسسات المنهارة. التاريخ لا يرحم المترددين، والثورات لا تنتظر المتقاعسين. المجد لكل من يقاتل من أجل عراق حر ديمقراطي مستقل.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

الإبراهيمية: بين دعوة التعايش ومشروع التطبيع