الفرعونية ليست قومية، بل فصل من التاريخ العربي الفرعون يتحدث بلسان عربي

 

الفرعونية ليست قومية، بل فصل من التاريخ العربي

الفرعون يتحدث بلسان عربي

بقلم عدنان الطائي

يقول الدكتور طه حسين عميد الادب العربي بكتابه (مستقبل الثقافة في مصر1938): (لا تصدق ما يقوله المصريون من أنهم يعملون للعروبة، فالفرعونية متأصلة في نفوسهم وستبقى كذلك، بل يجب أن تبقى كذلك) مما استفز فكري هذه المغالطة التاريخية وبعيدا عن الحقيقة التاريخية وعتبرتها تقزيم دور مصر الحضاري وعلاقتها بالجزريين الذين نزحوا من جزيرة العرب الى الهلال الخصيب وامتدوا الى شمال افريقيا، لذا أقدم مقالتي هذه لتوضيح الحقائق والجدل حول لأنه حاول فيه ان يربط مستقبل مصر الثقافي بالانتماء الى الحضارة المتوسطة لا بالعروبة او الإسلام، لكن من المهم أن نفهم السياق الذي كتب فيه تلك العبارات، قبل أن نُصدر عليه حكماً قاطعاً.

 أولًا: خلفية رأي طه حسين

طه حسين كتب كتابه في مرحلةٍ كانت مصر فيها تبحث عن هوية سياسية وثقافية بعد الاستقلال النسبي عن بريطانيا. كانت هناك تيارات ثلاث:

1.  تيار عروبي–إسلامي يرى أن مصر جزء من الأمة العربية والإسلامية.

2.  تيار فرعوني–وطني يرى أن لمصر خصوصيتها القديمة والمستقلة.

3.  تيار غربي–تنويري متأثر بأوروبا الحديثة (ومن هذا التيار كان طه حسين جزئيًا).

إذن، حين قال تلك العبارات، لم يقصد نفي العروبة بالمعنى العرقي فحسب، بل أراد التمييز الثقافي والسياسي؛ أي أن مصر يجب أن تعتمد على تاريخها وحضارتها الخاصة في نهضتها الحديثة، لا على انتظار وحدة عربية أو خلافة إسلامية.

 ثانيًا: الردّ التاريخي والعلمي

لكن من منظور التاريخ والأنثروبولوجيا الحديثة، يمكن الرد على طه حسين في نقاط دقيقة:

1.  الهوية المصرية لم تكن منعزلة عن محيطها العربي–السامـي. فالهجرات العربية القديمة إلى وادي النيل موثقة منذ عصور ما قبل الأسرات، وقد جاءت جماعات من الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر وسيناء، بعد ان جرى نزوح من الجزيرة العربية في الالف الأولى بسبب التصحر واستقرت وشكّلت جزءًا من السكان المحليين.

2.  الكنعانيون والفينيقيون والعموريون والآراميون كلهم أقوام سامية خرجت من الجزيرة العربية وانتشرت في الهلال الخصيب وشمال إفريقيا، وبالتالي فهناك جذر لغوي وثقافي واحد يجمعهم بالمصريين الأوائل، وإن اختلفت المسارات السياسية.

3.  مصطلح "الفرعونية" لا يشير إلى "أمة" أو "قومية"، بل هو نظام حكم ملكي إلهي، والفرعون هو اللقب السياسي للملك لا اسم لشعب أو عِرق. فقول "الفرعونية متأصلة في النفوس" هو قول مجازي ثقافي، لا علمي.

4.  من الناحية اللغوية والأنثروبولوجية، المصريون اليوم يحملون مزيجًا من أصول شمال إفريقية، ونيلية، وسامية، وشرق أوسطية، ولا يمكن فصلهم عن العالم العربي لا جغرافيًا ولا ثقافيًا ولا لغويًا.

 ثالثًا: الردّ الفكري على رأي طه حسين

يمكن الردّ على من يروّج رأي طه حسين دون تدقيق، بما يلي:

إن طه حسين — رغم عبقرياته الأدبية — تحدّث في لحظة فكرية معينة كانت تبحث عن طريق للنهضة، لا عن تأصيلٍ للهوية التاريخية. فالعروبة ليست نسبًا بالدم فقط، بل رابطة لغوية وثقافية روحية. والمصريون — وإن اختلفت جذورهم العرقية — هم جزء حي من الكيان العربي عبر اللغة والدين والتاريخ المشترك منذ الفتح الإسلامي، بل ومن قبل ذلك عبر الهجرات القديمة من الجزيرة العربية. أما الفرعونية، فهي صفحة مشرقة من تاريخ مصر، لكنها لا تُنكر الصفحات التي تلتها ولا تلغيها

 الخلاصة:

طه حسين أراد إثبات استقلال مصر الثقافي والسياسي، لا نفي عروبتها الجوهرية. لكن من يقتطع كلماته اليوم ليجعلها دعوة لانفصال مصر عن عروبتها، يتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا واللغة. فمصر كانت وما تزال قلب العروبة النابض، ومهدًا للتفاعل الحضاري بين وادي النيل والجزيرة العربية والشام، منذ آلاف السنين.

 

 

  هزّة فكرية لمن يزعم أن مصر ليست عربية

من يقول إن مصر ليست عربية، كمن يقول إن النيل لا يمتّ بصلةٍ للسماء! فمياهُه تبدأ من قلب إفريقيا، لكنها تسقي أرض الجزيرة والشام بلسانٍ عربيٍ واحدٍ. كذلك مصر — جذورها في الوادي، ونسغها في الجزيرة، وثمرتها في وجدان الأمة كلها. العروبة ليست ورقة نسبٍ تُعلَّق على الجدار، بل هي لغةٌ وثقافةٌ وتاريخٌ ومصيرٌ مشترك. الهجرات من الجزيرة إلى وادي النيل سبقت الأهرامات، والكنعانيون والآراميون إخوة في الجذر واللسان، لا في الحدود والخرائط. أما “الفرعونية” التي يتشدق بها البعض اليوم، فهي نظام حكمٍ لا أصل قومٍ، لقبُ ملكٍ لا اسمُ شعبٍ. ومن يجعل منها قوميةً مستقلة، يشبه من يعبد العرش وينسى العاقل الجالس عليه. مصر عربية شاء من شاء وأبى من أبى، فهي التي حملت رسالة الإسلام بلسانٍ عربيٍ مبين، ونشرت الأدب العربي بمدارسها وأزهرها وكُتّابها،
وصنعت الوجدان العربي الحديث في شعرها ونثرها وفكرها. إنكارُ عروبةِ مصر إنكارٌ لذاتها، فمن دونها تفقد العروبة قلبها، ومن دون العروبة تفقد مصر صوتها.

 نسخة مكثّفة في فقرتين، لغتها قوية ومباشرة، تصلح تمامًا كمنشور يهزّ الفكرة ويوقظ العقول:

من يزعم أن مصر ليست عربية إنما يُنكر سُنّة التاريخ قبل أن يُنكر الجغرافيا. فالهجرات من الجزيرة العربية إلى وادي النيل سبقت الفراعنة أنفسهم، والعروبة ليست دمًا في العروق بل لسانًا في الوجدان وروحًا في الثقافة. أما “الفرعونية” فليست نسبًا ولا قومية، بل لقبُ ملكٍ حكم أرضًا، لا اسمُ أمةٍ صنعت حضارةً. مصر عربية بلسانها، عربية بدينها، عربية بثقافتها ورسالتها. هي التي حفظت اللغة العربية حين خمد صوتها، ورفعت راية الفكر العربي حين غابت شمسه. فمن أراد أن يفصل مصر عن عروبتها، كمن يحاول أن يفصل النيل عن منبعهعبثٌ لا يصمد أمام الحقيقة.

  

نسخة مكثفة جدًاسطران فقط، كأنهما طعنة فكرية في صميم الوهم:

مصر عربيةليست لأن لسانها عربي فحسب، بل لأن روحها تنبض بالعروبة منذ أن كان النيل يجري نحو الجزيرة. ومن ينكر عروبتها، كمن يحاول أن يفصل القلب عن دمه!

هل ترغب أن أُعدّ لك تصميم بوستر بصري بهذا النص ليبدو جذّابًا للنشر؟

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية