مقالة: نحو تحالف وطني عابر للأيديولوجيا… من أجل وطن حر مستقل
مقالة: نحو تحالف وطني عابر للأيديولوجيا… من
أجل وطن حر مستقل
بقلم عدنان الطائي
في اللحظة التي خسر
فيها المشروع المدني العراقي الانتخابات، لم يكن ذلك سقوطًا لبرنامج سياسي، بل
إشارة صارخة إلى حجم الهيمنة التي تمارسها منظومة الإسلام السياسي الشيعي المدعوم
من إيران من جهة، ومن الولايات المتحدة من جهة أخرى. لقد تحوّلت الانتخابات إلى أداة شرعنة لهيمنة
منظومة تمتلك:
- المال السياسي غير
المشروع،
- أدوات إعلامية
ضخمة،
- سلاحًا خارج
الدولة،
- دعمًا إقليميًا
ودوليًا،
- شبكة مصالح
مترابطة داخل مؤسسات الدولة.
ولهذا لم يكن غريبًا أن تخسر التيارات
المدنية—ومن ضمنها الحزب الشيوعي العراقي—أمام منظومة تمتلك كل عناصر القوة ماعدا
الشرعية الشعبية. لكن الخطر الحقيقي لا
يكمن في خسارة الانتخابات؛ بل في خسارة الثقة
بالنفس، أو الانكفاء إلى الداخل، أو الاستسلام لمنظومة الفساد والتبعية التي تُحكم
قبضتها على الدولة. اليوم، العراق لا يحتاج
حزبًا منفردًا… بل مشروعًا وطنيًا موحدًا. ولذلك، فإن القوى المدنية، والقوى الوطنية
المقاطِعة، والتيار الصدري، وقوى تشرين، وكل من يرفض التبعية الخارجية، مدعوون إلى
فتح صفحة جديدة عنوانها: "تحالف وطني عابر
للأيديولوجيا… من أجل وطن حر مستقل."
لماذا يجب تجاوز الأيديولوجيات؟
لأن العراق اليوم ليس في معركة فكرية بين: يسار ويمين،
علماني وديني، مدني ومتدين،
بل هو في معركة وجود بين دولة وطنية مستقلة تروم: مشروع مواطنة ومؤسسات شرعية وثروة عامة..
وبين دولة ممزقة خاضعة لمراكز نفوذ خارجية
تتبنى: مشروعا طائفيا وسلاحا خارج الدولة وفسادا منظم..
لقد أثبتت السنوات الماضية أن التمسك بالأيديولوجيا أية أيديولوجيا — أصبح
طريقًا مسدودًا. اليساري لا يستطيع وحده
أن يغيّر، والصدري لا يستطيع وحده
أن يغيّر، والمدني لا يستطيع وحده
أن يغيّر، والتشريني لا يستطيع
وحده أن يغيّر. لكنهم جميعًا معًا…
يستطيعون.
التحالف الوطني الجديد: قائمة بمبادئ واضحة
هذه القوى تستطيع أن تتوحد إذا التزمت بمبادئ
واضحة تشكّل هوية هذا المشروع وطن حر مستقل
لا تبعية لإيران، ولا للولايات المتحدة، ولا لأي محور خارجي. العراق أولًا… ودائمًا. ثم حصر السلاح بيد الدولة..
دولة بدون سلاح منفلت… وطن يمكنه النهوض
وبنفس الوقت محاسبة الفاسدين وسراق
المال العام، لان الفساد ليس خلافًا
سياسيًا؛ الفساد جريمة وطنية
تستنزف مستقبل العراقيين.
فالقصاص العادل هو سمة المرحلة خصوصا القصاص من قتل شباب تشرين —
وقبل تشرين وبعدها — يجب أن يُحاسَب، بلا
مساومة، وبلا تسوية سياسية، وبلا صفقة. وعلى هذا الأساس قيام دولة مدنية لا طائفية، بل دولة مواطنة، لا
محاصصة وانما التأكيد على احترام التنوّع العراقي
والتحالف يجب أن يكون وطنيًا، عابرًا للقومية والمذهب والمنطقة. والا سيفقد العراق سيادته وثروته وشبابه وموارده وفرصته التاريخية في
النهوض، آخر ما تبقّى من حلم
الدولة المدنية. وسيُترك الوطن لقوى
تتنافس على نهبه، تموّلها عواصم لا ترى في العراق إلا ورقة نفوذ.
رسالة إلى الحزب الشيوعي والتيارات المدنية
أنتم الضمير الأخلاقي والسياسي للعراق. وتراجعكم عن الانتخابات لا يعني نهاية دوركم،
بل قد يكون بداية مرحلة أعمق وأكثر تأثيرًا خارج البرلمان. لكن هذه المرحلة تحتاج إلى: شجاعة كسر الجدران القديمة،
تجاوز الأيديولوجيا، التفاعل مع قوى
اجتماعية واسعة، والتحالف مع قوى رفضت
الانتخابات لأنها فقدت الثقة بالنظام السياسي.
ورسالة إلى التيار
الصدري
إن الانسحاب من البرلمان ليس كافيًا. وإن القوى التي قاطعت الانتخابات ليست كتلة صامتة،
بل قوة جماهيرية تستطيع قلب المعادلة إذا تعاونت مع القوى المدنية والتشرينية.
الوطن اليوم يطلب من الجميع شيئًا واحدًا: أن نتوحد… قبل أن نُدفَن تحت ركام الفساد
والتبعية. لا اليساري وحده ينقذ
العراق، ولا الصدري وحده،
ولا المدني وحده، ولا التشريني وحده… لكن سويةً… يستطيعون صناعة عراق جديد.
الخلاصة
هذه دعوة لا تنتمي إلى حزب،
ولا إلى طائفة، ولا إلى أيديولوجيا. هذه دعوة إلى كل من يؤمن بوطن حر مستقل. إلى كل من يرى أنّ العراق أكبر من أحزاب
السلطة، وأكبر من سفارات
الخارج، وأكبر من الطوائف
والمصالح الضيقة. هذه دعوة إلى ثورة
سياسية سلمية تقوم على وحدة وطنية ووعي جماهيري
وخط سياسي مشترك وأمل واحد: نريد وطن.
تعليقات
إرسال تعليق