"تاء الوجود: الحياة مغلقة والموت مفتوح"
"تاء الوجود: الحياة مغلقة والموت مفتوح"
بقلم عدنان الطائي
سؤال يراود الفكر البشري: لماذا تاء الموت مفتوحة وتاء الحياة مربوطة؟
في تأمل اللغة كما في تأمل الوجود، تبدو تاء الموت مفتوحةً كأنها بوّابة الغياب، تُشرِعُ حروفها على المجهول، وتدعُ الروح تعبر إلى ما لا يُرى. إنها تاء الانعتاق من قيد الزمن، والعبور إلى الفضاء اللامحدود. أما تاء الحياة فمربوطة، تستدير على نفسها كحلقةٍ مغلقة، تُمسك بالأنفاس داخل الجسد، وتربط الكائن بعالم الحسّ، لتظلّ دائرته محدودةً بالولادة والفناء. وكأن العربية ــ بحكمتها الخفيّة ــ تُعلّمنا أن الموت بدايةٌ لا نهاية، وأن الحياة سجنٌ جميل، مؤقّت الإقامة. وليكن توضيحنا(للتاء) يتأرجح بين اللغة والفلسفة
أولًا: من الناحية اللغوية
التاء في الموت ليست "تاء التأنيث"، بل هي تاء أصلية في بنية الكلمة، أي من جذرها م-و-ت. ولذلك تُكتب مفتوحة (ت) لأنها جزء من الكلمة وليست علامة نحوية. أما التاء في الحياة فهي تاء مربوطة (ة)، وهي تاء تأنيث دالة على الصفة أو المعنى المؤنث (كما في: رحمة، قوة، سعادة...). ولهذا جاءت مغلقة لأن وظيفتها نحوية صرفية لا أصلية.
ثانيًا: من الناحية الرمزية والفلسفية
اللغة أحيانًا تُفصح بما لا يقوله النحو. فإذا تأملنا:
- الموت بتاؤه المفتوحة، كأنها بابٌ مفتوح على المجهول، على العالم الآخر، على اللانهاية. هو انفتاح الوجود على الغيب، وانفتاح الجسد على الفناء.
- أما الحياة فتاؤها مربوطة مغلقة، كأنها دائرة مكتملة، تشير إلى الاحتواء، إلى القيد، إلى عالمٍ محدودٍ داخل حدود الزمن والمكان. فالحياة مغلقةٌ بإطارها، والموت مفتوحٌ على ما وراءها.
خلاصة القول
منطقُ النحو يقول: لأن تاء "الموت" أصلية، وتاء "الحياة" تأنيثٌ مربوطة.
ومنطقُ الوجود يقول: لأن الحياة قيدٌ داخل حدودها، والموت انفتاحٌ نحو اللامحدود.
تعليقات
إرسال تعليق