خسوف القمر بين العلمية والاسطورة حين ابتلع التنين ظلاله

 

خسوف القمر بين العلمية والاسطورة

 حين ابتلع التنين ظلاله

بقلم عدنان الطائي

 أولاً: خسوف القمر علميًا

  • التعريف: الخسوف يحدث عندما تكون الأرض بين الشمس والقمر، فيحجب ظل الأرض ضوء الشمس عن القمر.
  • أنواعه:

1.  الخسوف الكلي: يدخل القمر كله في ظل الأرض (المنطقة المظلمة تمامًا).

2.  الخسوف الجزئي: يدخل جزء من القمر في ظل الأرض.

3.  الخسوف شبه الظلي: يمر القمر في منطقة شبه الظل (penumbra) فيظهر قاتمًا قليلًا.

  • شروط حدوثه:
    • أن يكون القمر بدرًا (مكتملًا).
    • أن يكون على خط العقدة (النقطة التي يتقاطع فيها مدار القمر مع مدار الأرض حول الشمس).
  • التكرار: يمكن أن يحدث من مرتين إلى خمس مرات في السنة، لكن الخسوف الكلي نادر مقارنة بالجزئي.
  • اللون الأحمر: أثناء الخسوف الكلي يظهر القمر بلون أحمر نحاسي بسبب انكسار أشعة الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض، وهو ما يُعرف بظاهرة "القمر الدموي".

 ثانيًا: خسوف القمر في الأساطير

  • الأساطير البابلية والسومرية: كانوا يعتقدون أن الخسوف إنذار بموت الملك أو وقوع مصيبة عظيمة، فكانوا يضعون "ملكًا بديلًا" لفترة الخسوف ليُصرف عنه الشر.
  • الهندوسية: ربطوا الخسوف بمخلوق أسطوري يدعى راهـو، وهو شيطان يبتلع القمر، لكن لأنه مقطوع الرأس، يخرج القمر مجددًا.
  • الصينيون القدماء: اعتقدوا أن تنينًا سماويًا يبتلع القمر، وكان الناس يقرعون الطبول ويحدثون أصواتًا عالية لطرده.
  • المايا والأزتيك: رأوا الخسوف كعلامة على اضطراب في توازن الكون، وكانوا يجرون طقوسًا خاصة لحماية النساء الحوامل والأطفال.
  • التراث العربي والإسلامي: في الجاهلية ربط بعض العرب الخسوف بموت أو ولادة عظيم، حتى جاء الإسلام فنفى ذلك، وأكد أن خسوف القمر وآيات السماء هي آيات كونية تدعو للتأمل والخشوع.

الخاتمة

منذ آلاف السنين، كان البشر يرفعون أبصارهم إلى السماء باندهاش وخوف. ومن أكثر الأحداث غموضًا خسوف القمر، حين يختفي ضوء البدر الساطع فجأة. ومن دون وجود العلم لتفسيره، نسجت الشعوب القديمة الأساطير: ففي الصين قيل إن التنانين تلتهم القمر، وفي الهند ابتلعه الشيطان "راهـو"، أما في بلاد الرافدين فقد عُدّ نذيرًا بموت الملوك أو سقوط الممالك. ومع انتقال الإنسانية تدريجيًا إلى عصر العقل، تراجعت الأسطورة أمام المعرفة، لكن أصداء تلك المعتقدات القديمة ما زالت تلامس مخيّلة الكثيرين.

ومع ذلك، يبقى من واجب الإنسان المعاصر أن يتحرر من أسر هذه الأساطير، وألّا يقيّد عقله بخرافات الماضي. فنحن نعيش في عصر الحداثة والعلم، حيث يكشف العقل والتجربة سرّ الكون وجماله. والخسوف لم يعد رمز خوف أو لعنة، بل هو مشهد كوني مهيب يدعونا للتأمل في عظمة الخلق، وإلى أن نؤمن بالعلم نورًا يبدد الظلام، لا بالأسطورة التي تحبس الروح في وهم.

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية