لغز وفاة الإسكندر الأكبر واختفاء قبره

 

لغز وفاة الإسكندر الأكبر واختفاء قبره

يبقى الإسكندر الأكبر، الفاتح المقدوني الذي غزا نصف العالم المعروف في القرن الرابع قبل الميلاد، لغزًا حيًّا رغم مرور أكثر من ألفي عام على رحيله. فقد رحل في بابل عام 323 ق.م عن عمر لا يتجاوز الثالثة والثلاثين، تاركًا خلفه إمبراطورية مترامية الأطراف وأسرارًا لم تُكشف بعد.

أسباب الوفاة: مرض أم اغتيال؟

تتضارب الروايات القديمة حول السبب الحقيقي لوفاته. بعض المؤرخين يشيرون إلى أنه أصيب بحمى حادة بعد مأدبة وسهر طويل، ما يرجّح إصابته بمرض وبائي مثل الملاريا أو التيفوئيد، وهما أمراض شائعة في بابل آنذاك. فيما ذهب آخرون إلى فرضية التسميم من قبل خصومه أو جنرالاته، إلا أن معظم الباحثين المحدثين يستبعدون هذا الاحتمال، إذ استمرت أعراضه أكثر من عشرة أيام، وهو ما لا يتناسب مع السموم المعروفة في ذلك العصر. وهناك من يرى أن إرهاقه الشديد وكثرة جروحه وإفراطه في شرب الخمر عجّلت بموته المبكر.

قبر الإسكندر: من الإسكندرية إلى الغياب

بعد وفاته، وُضع جسده في تابوت مذهب مليء بالعطور، وكان من المقرر نقله إلى مقدونيا، لكن بطليموس – أحد قادته – استولى عليه وحمله إلى مصر حيث وُضع في الإسكندرية. هناك تحول القبر إلى مزار عالمي، حتى أن الإمبراطور الروماني أغسطس زاره شخصيًا ورأى الجثمان. لكن منذ القرن الرابع الميلادي انقطعت الأخبار عن القبر، ويُعتقد أنه دُمّر أو دُفن تحت ركام الإسكندرية القديمة خلال الاضطرابات السياسية والدينية. 

بين الأسطورة والحقيقة

غياب اليقين عن سبب وفاة الإسكندر ومصير قبره منح الأسطورة مساحة واسعة لتتغذى عبر العصور. بعض النظريات تتحدث عن وجود القبر في واحة سيوة أو أماكن أخرى خارج مصر، غير أن الدلائل الأثرية الحاسمة لم تظهر بعد. وهكذا يبقى الإسكندر الأكبر حاضرًا في الذاكرة الإنسانية، لا بفتوحاته وحدها، بل أيضًا بلغزه الذي لم يُفك بعد: كيف مات؟ وأين يرقد جسده؟

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية