نهاية طارق بن زياد وتامر الامويين لتصفيته

 

نهاية طارق بن زياد وتامر الامويين لتصفيته

بقلم عدنان الطائي

يطرح هذا العنوان قضية حساسة في التاريخ الإسلامي تتعلق بنهاية طارق بن زياد وموقف الدولة الأموية منه، خصوصًا في ظل إنجازه الكبير في فتح الأندلس، ثم الغموض الذي يحيط بنهاية حياته. وبعد استقراء التاريخ وحقائقه المتوفرة والآراء المختلفة والمصادر التي تناولت مصير طارق وموسى بن نصير، بعيدًا عن التحزب العرقي أو التحيز السياسي.. تبين انه الفاتح المنسي والقائد العسكري الذي فتح الأندلس عام 92 هـ (711 م) بتكليف من والي إفريقية موسى بن نصير، وكان من أصول بربرية (أمازيغية)، وأسلم في زمن الفتوحات الإسلامية في شمال إفريقيا، وكان يتمتع بشجاعة وكفاءة عسكرية عالية وهزم الملك القوطي لذريق، واصل التوسع في شبه الجزيرة الإيبيرية، وحقق انتصارات مذهلة. أثار نجاحه غيرة موسى بن نصير، الذي لحق به لاحقًا من شمال إفريقيا، ودخل الأندلس وقام بضم ما تبقى منها، وبحسب بعض المصادر، غضب موسى من طارق لأنه تجاوز أوامره، إذ لم يكن يريد لطارق أن يستقل بحملات التوسع دون الرجوع إليه مما امر بعزله من القيادة مؤقتًا، ادى إلى توتر العلاقة بينهما. الامر الذي تم استدعاؤهما إلى دمشق في سنة 95 هـ، من قبل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك إلى دمشق، وقد توفي قبل وصولهما، وخلفه أخوه سليمان بن عبد الملك، الذي كان يكره موسى لأسباب سياسية شخصية. وبناءً على ذلك، أهين موسى وطارق في بلاط الخلافة حتى وصل الحال أُهمل طارق وتُرك بدون منصب، وابتعد عن الأضواء، ومات في فقر دون تقدير، بينما قيل إن موسى توفي حزينًا بعد عزل أبنائه ومصادرة أمواله.. هذا هي المواقف السلبية جاءت ضد  طارق من الأمويين وقد ظهر ذلك في إهانته في الشام وطمس سيرته لاحقًا مقارنة مع قادة أمويين آخرين، لم تُكتب سيرة مفصلة له في المصادر الرسمية للدولة الأموية. وان بعض المؤرخين يرون أن تجاهل سيرته جزء من سياسة التقليل من شأن القادة البربر الذين بدأوا يطالبون بحقوق أكبر بعد الفتح. 

المصادر التاريخية هي:

    • ابن عبد الحكم (في "فتوح مصر والمغرب")
    • ابن الأثير (في "الكامل في التاريخ")
    • المقري (في "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب")
    • المؤرخ عبد الرحمن بدوي في كتابه "شخصيات إسلامية"

وأخيرا ان نهاية طارق بن زياد هي نهاية مظلومة تاريخيًا، سواء كان السبب عرقيًا (لأنه بربريًا)، أو سياسيًا (لأنه تصرف باستقلالية). اذ يُعد مثالًا على القادة الذين حققوا النصر ودفنهم التاريخ الرسمي. أما موسى بن نصير، فقد دفع ثمن ولائه للوليد بن عبد الملك، وتعرض للإهانة بعد وفاة الوليد فقد أصابه ما أصاب طارق من غضب السياسة وتقلبات القصر الأموي، فعُزل، وصودرت أمواله، وتوفي حزينًا.. عندها المنطق يقول: (حين تُدفن البطولات في ظلال السياسة... الحقائق التاريخية لا تسكت)

نعم... هكذا تكون نهاية بعض الأبطال في كتبٍ لا يكتبها التاريخ، بل تُكتبها السياسة، تُرفع فيها أسماء، وتُقصى أخرى، ويظل طارق بن زياد شاهدًا على أن أعظم البطولات قد تُداس إن جاءت من غير أبناء القصر.  التاريخ لا يرحم، لكنه لا ينسى... وسيظل سؤال طارق مفتوحًا على جراح الذاكرة: "لماذا نُكافَأ بالنسيان، حين نمنح أوطاننا كل شيء؟"

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية