خطة تنشيط الحراك الفكري اليساري في العراق: من الركود إلى الفاعلية الحداثية

-

 

خطة تنشيط الحراك الفكري اليساري في العراق: من الركود إلى الفاعلية الحداثية

يشهد فيه العراق فراغًا فكريًا بين الجيل الشاب والتيارات التقليدية، وفقدان اليسار العراقي زمام المبادرة بسبب تمسكه بالماضي وعدم التجديد. بناءً على ذلك، يمكن وضع خطة متكاملة لإعادة إحياء الحراك الفكري اليساري في العراق، بشرط أن تتجاوز الجمود وتدخل بوابة الحداثة والمعرفة الرقمية.

أولًا: التشخيص الواقعي

1.  الضعف البنيوي: غياب القيادة الفكرية اليسارية المجددة، واعتماد الخطاب التقليدي الجامد.

2.  انقطاع الأجيال: عدم وجود جسور معرفية أو تواصلية  مع الشباب. 

3.  تخلف أدوات التواصل: تجاهل الأدوات الحديثة مثل السوشيال ميديا، البودكاست، التيك توك.

4.  صورة نمطية باهتة: التصاق الفكر اليساري في أذهان العامة بالشعارات القديمة والفقر والسلطة البيروقراطية.

ثانيًا: الأهداف الاستراتيجية

  • تجديد الفكر اليساري ليكون إنسانيًا، وطنيًا، حداثويًا، متفاعلًا مع قضايا الإنسان العراقي اليومية.
    • بناء حركة يسارية رقمية تواكب روح العصر.
  • كسب العقول الشابة، وإعادة الاعتبار لقيم العدالة والمساواة. 

ثالثًا: محاور خطة العمل

. 1 تجديد الخطاب

تطوير خطاب يساري حداثوي يبتعد عن الشعارات الجوفاء.

  • التركيز على قضايا الناس: البطالة، الفقر، البيئة، الحقوق المدنية، الحريات الفردية.
    • الابتعاد عن لغة التخوين والصدام، واعتماد النقد البنّاء.

.2 منصة رقمية يسارية حديثة

    • إنشاء موقع إلكتروني تفاعلي يعرض أفكار، مقالات، بودكاست، فيديوهات قصيرة (Reels).
    • إطلاق صفحة شبابية على فيسبوك وإنستغرام، موجهة بلغة مرنة للجيل الجديد.
    • تنظيم لقاءات بث مباشر (Live) تناقش قضايا فكرية واجتماعية بتفاعل مباشر.

. 3 ورش تفكير شبابي يساري

  • تكوين مجموعات تفكير شبابي تعيد إنتاج المفاهيم اليسارية بطريقة جديدة (يسار بيئي، يسار رقمي، يسار حقوقي...).
    • استضافة مفكرين محليين ودوليين لخلق فضاء حواري مثمر.

.4 تحالف مدني-يساري

      • تجاوز الانعزال والانفتاح على حركات المجتمع المدني المستقلة.
      • بناء تحالفات استراتيجية مع النقابات، جمعيات حقوق الإنسان، المنصات الثقافية. 

. 5مشروع نشر المعرفة الرقمية

    • إصدار سلسلة كتب إلكترونية يسارية مبسطة موجهة للشباب.
  • إطلاق تطبيق للهاتف باسم "عدالة" يتضمن مواد تثقيفية، مقالات، وتحديثات يومية.

رابعًا: خريطة طريق مرحلية

المرحلة

الهدف

الوسائل

1. التحضير

تكوين لجنة فكرية يسارية من مجددين

دعوات إلكترونية ومقابلات مع رموز مثقفة

2. الإطلاق

تدشين المنصة الإلكترونية والبودكاست

حملات على فيسبوك وتويتر

3. التوسع

بناء حاضنة شبابية رقمية

مسابقات فكرية، برامج حوارية، دورات تدريب

4. التأثير

مشاركة سياسية وانتخابية من خلال خطاب مدني يساري

دعم مرشحين مدنيين من خلفية يسارية تقدمية

 

خامسًا: إلى من يهمه الأمر

نداء مفتوح لكل:

    • الشباب الباحثين عن معنى في هذا الوطن.
    • المثقفين اليساريين الغيورين على فكرهم.
    • النقابيين، الأكاديميين، الصحفيين، الفنّانين.
    • كل من آمن بأن العراق لا يُبنى إلا بالعدالة الاجتماعية والانفتاح المعرفي.

 خاتمة

إذا بقي الفكر اليساري حبيس الشيخوخة الفكرية ورفض التحديث، فسيموت بصمت. لكن بإمكاننا إحياؤه، ليس من خلال البكاء على الأطلال، بل بالاستثمار في الأدوات الحديثة، ومخاطبة الناس بلغتهم، ومواجهة الاستغلال والفساد بعقلية مدنية عادلة وحداثية.

عدنان الطائي

 

 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

-
صورة
  لفت انتباهي من خلال مقالة الدكتور مصطفى محمود الذي كان يبحث بكتاب عنوانه "اللغة العربية أصل اللغات".. للمؤلفة تحية عبد العزيز إسماعيل أستاذة متخصصة في علم اللغويات، لاحظ الألفاظ المشتركة بين اللغة العربية والإنجليزية، وبين العربية واللاتينية، وبين العربية والأنجلوساكسونية، وبين العربية والفرنسية، وبين العربية والأوروبية القديمة، وبين العربية واليونانية، وبين العربية والإيطالية، وبين العربية والسنسكريتية، ليشهد هذا الشارع العربي المشترك الذي تتقاطع فيه كل شوارع اللغات المختلفة، وهذا الكم الهائل المشترك من الكلمات رغم القارات والمحيطات التي تفصل شعوبها بعضها عن بعض، فانبرى عني سؤالا: لماذا خرجت المؤلفة بالنتيجة القاطعة أن اللغة العربية كانت الأصل والمنبع، وإن جميع اللغات كانت قنوات وروافد منها؛ فكان جوابها: أن السبب الأول هو سعة اللغة العربية وغناها وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي؛ فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوي فقط، والسكسونية بها ألفا جذر! بينما العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوي، يضاف إلى هذه السعة سعة أخرى في التفعيل والاشتقاق والتركيب. وعلى سبيل المثال: ففي الانجل...
قراءة المزيد

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

-
صورة
مقدمة هل يمكن للعقل البشري، في ظل ما نعيشه من تيارات فكرية متضاربة، أن يصل إلى يقين بوجود الله؟ وهل الإيمان يجب أن يكون تقليدًا دينيًا موروثًا، أم يمكن أن ينبع من استدلال عقلي وتجربة علمية؟ هذه المقالة تطرح رؤًى فلسفية وعلمية متكاملة، بلغة بسيطة، للاقتراب من هذا السؤال الوجودي العميق . ✦ الفلاسفة والإله الضروري الفيلسوفان ديكارت وسبينوزا قدما مفهوم "الإله الضروري"، أي العقل الأعلى الذي لا بد منه لضمان وجود النظام في الكون . كيركغارد رأى في الإيمان قفزة تتجاوز العدمية، لا نقيضًا لها، بل ربما مخرجًا منها . ✦ العدمية والوجودية وموت الإله نيتشه وسارتر اعتبرا أن الكون بلا معنى جوهري مفروض من الخارج، فظهرت فكرة "موت الإله ". نيتشه لم ينكر وجود الله تمامًا، بل عبّر عن انهيار القيم الدينية في أوروبا . سارتر، رغم عدميته، وقع في تناقض حين افترض أن الإنسان يستطيع خلق معنى لحياته . ✦ القوة الكبرى والتصميم الذكي حين نعود لمفهوم "القوة الكبرى"، نجد أنها محاولة لإعادة النظام والمعنى للكون، سواء عبر الدين أو الفلسفة...
قراءة المزيد

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية

-
صورة
  التقسيم البشري على أساس أولاد نوح هو تقسيم يعتمد على التوراة، التي تقول إن نوح كان له ثلاثة أبناء: سام، حام، ويفث. وقد تم تقسيم الشعوب على أساس هذه الأبناء الثلاثة، حيث تم اعتبار الشعوب السامية (مثل العرب واليهود) من نسل سام، والشعوب الحامية (مثل المصريين والنيجيريين) من نسل حام، والشعوب اليافثية (مثل الأوروبيين) من نسل يافث.. يعني التقسيم هذا هو تقسيم أسطوري أو ديني يعكس نظرة قديمة لفهم أصول البشر، لكنه لا يتوافق مع علم الأحياء التطوري أو الأركيولوجيا الحديثة. البشرية نشأت عبر تعاقب الأجيال والتطورات الجينية عبر عشرات الآلاف من السنين، وليس من ثلاثة أبناء فقط. للأسباب التالية: 1. غياب الأدلة الوراثية والتاريخية: لم تجد الأبحاث الجينية أو الأركيولوجية دليلًا يدعم أن البشرية انحدرت من ثلاثة رجال فقط بعد الطوفان، أو أن هناك انقسامًا واضحًا إلى ثلاث مجموعات بناءً على نسب نوح. 2. التنوع البشري أقدم من زمن نوح: الدلائل العلمية تشير إلى أن البشر كانوا منتشرين في مناطق واسعة قبل الطوفان المذكور في التقاليد الدينية، مما يعني أن التنوع العرقي واللغوي كان موجودًا منذ آلاف السنين ...
قراءة المزيد