حقا الحياة هي كذبة والموت حقيقة

 

حقا الحياة هي كذبة والموت حقيقة

بقلم عدنان الطائي

أن يكون كل ما عشته مجرد سلسلة من الأيام المتشابهة، حيث لا شيء يُدهش، ولا شيء يُوجِع، ولا شيء يَبعث الحياة في العروق. أليس ذلك هو الموت الحقيقي؟

 تشيخوف

كلمات تشيخوف عميقة وتلامس جوهر الإحساس باللاجدوى الذي عبّر عنه كبار الأدباء، كما فعل تشيخوف نفسه في معظم أعماله، حيث الحياة تمضي ببطء قاتل، لا أحداث تهزّ الروح، ولا أحلام تُوقظ الحنين، ولا حتى آلامٌ تُشعرنا بأننا أحياء. اذ تمرّ الأيام متشابهة، رتيبة، صامتة... تلك ليست حياة، بل نسخة طويلة من موتٍ مؤجَّل.

أما قولنا: هكذا الحياة كذبة والموت حقيقة.. فهو تلخيص وجوديّ مُرّ، لكنه صادق، لأننا في لحظة صدق داخلي نكتشف أن الحياة كثيرًا ما تخدعنا بوعدٍ لا يأتي، بينما الموت، مهما أنكرناه، لا يكذب. فهل نعيش لنموت؟ أم نبحث عن لحظة واحدة فقط... تجعل كل الحياة جديرة بأن تُعاش؟

خلاصة القول:

 نعم كذبة تُدعى حياة... وصدقٌ اسمه الموت

أن تمضي الأيام كأنها نسخٌ مكرورة من بعضها... لا جديد فيها يُدهشك، ولا وجعٌ يُوقظك، ولا فرحٌ يسرقك من رتابتك، تلك ليست حياة... بل نُسخة باهتة من موتٍ بطيء. أستيقظ كل صباحٍ ولا أسأل نفسي: "ماذا سأفعل اليوم؟" بل "لماذا ما زلت أستيقظ؟" كأن الروح علقت في رُكنٍ بارد من هذا الوجود، لا صدى فيه ولا دفء... كأن الزمن نفسه فقد شهيته للحركة، فصار كل شيء واقفًا، حتى قلبي. هل جربت أن تُعايش أيامك كأنها ضيف ثقيل يزورك كل صباح بلا استئذان؟ أن تبتسم كي لا يُقال عنك "مكسور".  وتتكلم كي لا تبدو "ميتًا"، لكنك من الداخل... فراغ.

ليس حزناً، فالحزن حياة.
وليس ألماً، فالألم شعور.
بل موت بلا جثمان، بلا جنازة، بلا نعي... فقط وجودٌ ثقيل كظلّ لا يفارقك.

قالوا: الحياة كذبة جميلة.
لكنها أحياناً لا تكون حتى جميلة، بل كذبة سمجة...
وحده الموت، صدقٌ لا يتنكّر، وعدٌ لا يخون، خاتمة لا تُؤجَّل.

فهل ننتظر الموت لنشعر بالصدق؟
أم نخلق من هذا الرماد جمرة، ومن هذا الركود لحظة، ومن هذا اللاشيء… معنى؟

 

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية