طارق بن زياد: بربري أم عربي؟ جدل النسب بين الرواية والتاريخ
طارق بن زياد: بربري أم عربي؟ جدل النسب بين الرواية والتاريخ
طارق بن زياد، القائد الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه حين عبر المضيق الذي لا يزال يحمل اسمه، وفتح الأندلس سنة 711م. لكن رغم وضوح بطولته، بقيت مسألة أصله محلّ جدل بين مؤرخي الأمس والباحثين اليوم. فهل كان بربريًا؟ أم عربيًا؟ أم فارسياً كما زعم البعض؟
الرواية الأشهر تقول إن طارق أمازيغي (بربري) من قبيلة "نفزة" أو "صنهاجة"، وهما من كبريات قبائل شمال إفريقيا. عاش في الجزائر أو المغرب، وكان من الموالي الذين دخلوا الإسلام وانخرطوا في الجيوش الإسلامية تحت قيادة موسى بن نصير، ثم أصبح قائدًا لفتح الأندلس.
أما القول إنه عربي الأصل، فقد ظهر لاحقًا ضمن نظريات قومية تعتبر أن البربر أنفسهم امتداد لقبائل عربية نزحت من الجزيرة العربية، مثل الكنعانيين أو الفينيقيين. لكن هذا الطرح لا يستند إلى نسب موثّق، بل إلى تأويل ثقافي وحضاري.
بعض الباحثين، كالمؤرخ أحمد سوسة، أشاروا إلى تشابه لفظي بين كلمتي كنعاني وفينيقي، معتبرين أن الفينيقيين ربما فرع بحري متطور من الكنعانيين، وكلاهما من أصول سامية. لكن السؤال الأهم: هل البربر نفسهم كنعانيون؟ لا يوجد أي دليل أثري أو لغوي مباشر يؤكّد ذلك.
الدراسات الحديثة – اللغوية، الأثرية، والجينية – تؤكد أن الأمازيغ هم سكان شمال إفريقيا الأصليون، عاشوا فيها منذ آلاف السنين، قبل الفينيقيين والعرب، وتكلموا لغة مستقلة (الأمازيغية). لم يكن لهم نسب مشترك مع الكنعانيين، سوى التأثيرات الثقافية المحدودة على الساحل.
الخلاصة:
طارق بن زياد، على الأرجح، أمازيغي مسلم، نشأ في حضن الإسلام، وأصبح أحد قادة الأمة. إن نسبه لا يُنقص من مكانته، بل يُعزز حقيقة أن الحضارة الإسلامية لم تكن عربية فقط، بل شراكة عظيمة بين العرب والأمازيغ وغيرهم. وإننا إذ نبحث عن أصله، يجب ألا ننسى إنجازه. فـعظمة طارق ليست في دمه، بل في عقله وفعله.بقلم: عدنان الطائي
بالتعاون مع: أيقونة العقل البشري
تعليقات
إرسال تعليق