قول كارل كراوس: " حين تميل شمس الثقافة نحو الغروب، يصبح الأقزام بقامة العمالقة

 

قول كارل كراوس"
 

حين تميل شمس الثقافة نحو الغروب، يصبح الأقزام بقامة العمالقة

    هو توصيف لمرحلة الانحدار الثقافي والحضاري، حيث تغيب القيم العليا للعقل والمعرفة والجمال، ويبرز في المشهد من هم دون الموهبة أو الاستحقاق، متقمّصين أدوار العظماء، لأن السياق العام لم يعد يميز بين القامة الحقيقية والقزم المنتفخ، هذه المقولة تُجسد الواقع العراقي بامتياز منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، عندما تراجعت شمس الثقافة الوطنية العراقية وتقدمت مظاهر الطائفية والانغلاق، بدعم مباشر من الدين السياسي الذي:

  1. أزاح رموز الفكر والثقافة والعلم وأبدلهم بـ "قيادات دينية" تفتقر للرؤية الوطنية والوعي الحداثي، لكنها تهيمن على القرار السياسي والاجتماعي باسم الطائفة والدين.
  2. حوّل المنابر الدينية إلى منابر سياسية، فتم تفريغ الدين من روحه الإنسانية الجامعة، واستُخدم كأداة لتكريس السلطة والمحسوبية، حتى أصبح "القزم الطائفي" يُصنَّف كـ "عملاق وطني".
  3. قوّض التعليم والفن والعلوم، وتم تشجيع الجهل باسم الحفاظ على "الهوية الدينية"، فضعفت مخرجات الجامعات، وهاجر العلماء، وسُحقت الثقافة الحرة، ليحل محلها فكر شعاراتي مشوَّه.
  4. شرعن الفساد باسم القداسة، فصار رجل الدين السياسي فوق المساءلة، وارتفعت "أقزام السلطة" على أكتاف الجهل والخوف، وأُسكت صوت المثقف تحت طائلة التخوين أو الاغتيال.
  5.  تحوّل القيم: حيث أصبح الولاء للطائفة والحزب أهم من الكفاءة أو الأخلاق، فيُمنح منصب وزير أو قائد أمني لمن لا يمتلك من الكفاءة شيئاً، لكنه يمتلك "لحية وشعاراً" 

الخلاصة:

 في العراق، حيث تراجعت شمس الثقافة بفعل الحرب والطائفية والاحتلال والتخريب المنهجي، أصبحت الساحة مفتوحة للأقزام كي يتظاهروا بالبطولة، بدعم من الدين السياسي الذي عطّل العقول ورفع الجهّال، فصار حال الأمة كما وصفه كراوس تماماً: عندما تغرب شمس الوعي، تُنصب الأصنام من طين.

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية