(لا تستهين بالضعيف... فكم حية ماتت بسمِّ العقارب) الإسلام السياسي في العراق: فسادٌ مستشرٍ وعمالة مزدوجة تهدد بقاء الدولة

 

(لا تستهين بالضعيف... فكم حية ماتت بسمِّ العقارب)

الإسلام السياسي في العراق: فسادٌ مستشرٍ وعمالة مزدوجة تهدد بقاء الدولة

بقلم عدنان الطائي

منذ عام 2003، والعراق يعيش في دوامة من الفوضى السياسية والانهيار المؤسسي نتيجة تغوّل الإسلام السياسي بمختلف أطيافه، حتى أصبح هذا التيار سرطانًا يمتص دماء الدولة ويقايض سيادتها، تحت عباءة الدين والمذهب، بينما في الواقع يمارس أبشع أنواع الفساد والعمالة. فصار فسادا ممنهجا وليس عشوائيًا ولم يعد ظاهرة فردية أو سلوكًا شاذًا، بل أصبح نظامًا متكاملًا ترعاه أحزاب الإسلام السياسي. يتم تقاسم الوزارات كغنائم، وتُوزّع العقود الحكومية على شركات وهمية أو مرتبطة بزعماء الميليشيات، في حين يُحرم المواطن من أبسط حقوقه في الماء، والكهرباء، والصحة، والتعليم. حتى المؤسسات الدينية تحولت إلى أذرع سياسية، تموّلها الدولة، وتُستخدم لإضفاء شرعية زائفة على هذه المنظومة المنهوبة، بينما تغيب قيم العدالة والإصلاح الحقيقي. ومن المؤسف جدا أصبح رموز الإسلام السياسي عملاء مزدوجين بلا خجل، فأصبح ولائهم الحقيقي ليس للوطن ، بل لإيران من جهة، وللولايات المتحدة من جهة أخرى. هذا التيار يرفع شعار "المقاومة"، لكنه في الخفاء يعقد صفقات مع قوى الاحتلال، ويستغل الشعارات الطائفية لضرب كل مشروع وطني أو مدني يسعى إلى بناء دولة حقيقية. كل هؤلاء باعوا العراق مرتين: مرة حين خانوا شعبه، ومرة حين رهنوا قراره للغير.

اذن أين الشعب؟ أين العقلاء؟ أين الوطن؟ أين السيادة؟ أين الكرامة؟ المؤسسات تُنهب، الوظائف تُباع، والحرائق تأكل الأخضر باليابس والولاءات توزَّع كالغنائم. الوزارات تُدار بمنطق الطائفة لا الدولة، والدين يُستخدم غطاءً لخنق أي صوت وطني، والعمالة المزدوجة قائمة على قدم وساق: من طهران إلى واشنطن! في العلن، شعارات "المقاومة" و"التحرير"، وفي الخفاء، ولاءات تُباع في سوق المخابرات الإقليمية والدولية. الإسلام السياسي في العراق تاجرٌ بلا وطن... يبيع الدم ويشتري النفوذ.

   لقد جُرّد الشعب من الثقة، وتم تخديره بالدين المزيف، والمساعدات المشروطة، والتخويف الطائفي. لكن بقاء هذا الوضع يعني موت الدولة. نحتاج اليوم إلى صحوة وطنية علمانية، تدعو إلى مشروع وطني جامع، يتجاوز الطائفة والعرق، ويستعيد سيادة القرار العراقي، ويُخضع كل فاسد وخائن للمحاسبة.

اذن لا خلاص إلا بالقطيعة الكاملة، اذ لا يمكن للعراق أن ينهض طالما بقي الإسلام السياسي ممسكًا بمقاليد السلطة. لا إصلاح حقيقي دون اجتثاث منظومة العمالة والفساد، ولا بناء لدولة عادلة دون فصل الدين عن السياسة. فليرتفع صوت العقل الوطني:
كفى متاجرة بالدين، كفى بيعًا للوطن، كفى سكوتًا عن الخونة.

في مشهدٍ يُشبه واقع العراق، تقف العقرب على رأس الأفعى. العقرب هنا هي العملاء الصغار الذين ينفّذون أجندات أكبر، بينما الأفعى هي الأحزاب التي تحتكر الدين والسلطة باسم الطائفة. هذه الرمزية تعكس الواقع العراقي الراهن، تقف العقرب على رأس الأفعى لا خائفة ولا مترددة، تمامًا كما يفعل الفساد الأصغر حين يجد مأوى له في فساد أعظم. فالعقرب هنا تمثل وكلاء الداخل، عملاء مزدوجين يلدغون الوطن باسم الدين والمذهب، أما الأفعى فهي المنظومة الطائفية الأكبر التي التهمت الدولة وهي تتظاهر بحمايتها. لكن، كما أن العقرب قادر على قتل الأفعى رغم حجمها، فإن الشعب – مهما بدا ضعيفًا – قادر على إسقاط هذا التحالف السام بين الفساد والعمالة، بين الطائفة والمصلحة، بين الدين والتسلط. لا تستهينوا بالشعب... فكم أفعى ماتت بسمّ العقارب!

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية