طبول الحرب ومكياج الإنسانية: أمريكا وإسرائيل بين المصالح والخراب لا تجملوا وجهيهما

 

طبول الحرب ومكياج الإنسانية: أمريكا وإسرائيل بين المصالح والخراب

لا تجملوا وجهيهما

بقلم: ايقونة العقل البشري

في زمن أصبحت فيه الكلمات تُستخدم كسلاح، والصور تُلمّع القبح وتسوّق الخراب، تتقدم أمريكا وإسرائيل إلى مقدمة المشهد العالمي كقوتين لا تريان في الشعوب سوى أدوات لتحقيق مصالحهما، ولو على أنقاض المدن ودماء الأبرياء.

منذ عقود، دأبت الإدارتان الأمريكية والإسرائيلية على تبرير سياساتهما التوسعية والعنيفة تحت لافتات براقة: الديمقراطية، الأمن، حقوق الإنسان، الحرب على الإرهاب. لكن الحقيقة التي تتجلى بوضوح في وجوه الأطفال تحت الأنقاض، وفي صرخات الثكالى خلف الجدران، أن هذه الشعارات لم تكن يوماً سوى مكياجاً سياسياً يخفي أطماعاً لا تعرف الشبع، ومصالح لا تعبأ بمصير شعوب كاملة.

حربٌ لا تنتهي، وسيناريوهات مكررة.. كما في مسرحية دمى، تتحرك الأحداث برتابة مرعبة: تبدأ بتحريض، ثم بتغطية إعلامية ممنهجة، يتبعها تصعيد ميداني، فصمت دولي متواطئ، ثم تُفرض شروط الأقوياء على جثث الضعفاء. تتكرر هذه الدورة في غزة، في لبنان، في العراق، في سوريا… دون أن يُسأل أحد عن جريمة أو يُحاسب على مجزرة.

من بعدنا الطوفان يطلقها الطغاة، لأنها هي الأخطر من العدوان هي هذه الذهنيّة البراغماتية التي تحكم السياسات الأمريكية والإسرائيلية: لا مكان للأخلاق، لا اعتبار لحقوق الشعوب، بل منطق واحد فقط يسود: من بعدي فليكن الطوفان.

فالتحالف الأمريكي الإسرائيلي ليس مجرد تقارب مصالح، بل هو مشروع متكامل لتشكيل شرق أوسط جديد، تُدمّر فيه الهويات الوطنية، وتُستبدل بالهويات الطائفية، وتُفكّك فيه الجيوش وتُزرع فيه الميليشيات، كل ذلك من أجل إحكام السيطرة، وتأمين "استقرارٍ" يخدم أمن إسرائيل وهيمنة أمريكا.

الغائب الأكبر: الضمير الإنساني.. أمام هذا المشهد القاتم، يبقى الغائب الأكبر هو الضمير العالمي، الذي صار انتقائيًّا، لا يتحرك إلا حين تُمسّ مصالح الدول الكبرى. أما الشعوب المقهورة، فهي بالنسبة للإعلام الغربي مجرد أرقام، و"أضرار جانبية" في حرب المصالح.

كلمة أخيرة

لسنا ضد السلام، ولا نرفض التعايش، بل نحن مع إنسانية عادلة لا تُمزّقها راجمات الصواريخ، ومع سياسة تنبع من القيم لا من صناديق النفط والسلاح. إن مسؤولية المثقف، والكاتب، وكل صاحب ضمير، أن يُسقط المكياج عن وجه هذه الأنظمة التي تتقن خداع العيون وتزوير الوعي.

فربما آن الأوان أن نصيح: لا، لسنا ظلالاً… نحن الحياةُ ذاتها، ونحن من يملك الكلمة الأخيرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية