موجز فلسفة هايدغر: نهاية الفلسفة ومهمة التفكير

 

موجز فلسفة هايدغر: نهاية الفلسفة ومهمة التفكير

بقلم عدنان الطائي

يرى مارتن هايدغر أن الفلسفة الغربية الكلاسيكية قد بلغت نهايتها، لا بمعنى أنها ماتت أو لم تعد ضرورية، بل لأنها أتمّت وظيفتها الأساسية كما بدأت مع اليونان: محاولة فهم الوجود من خلال الموجودات. هذا المسار، الذي اتخذ طابعًا ميتافيزيقيًا عبر العصور، أصبح مكتملًا، ولذلك لم يعد كافيًا لمواكبة تحوّلات العالم المعاصر.

نهاية الفلسفة عند هايدغر تعني:

  • اكتمال مسارها التقليدي في التعامل مع الوجود بوصفه مجرد "موجود".
  • الانتقال من السؤال عن "ما هو الوجود؟" إلى "كيف يكون الحضور؟"، أي من التحليل النظري المجرد إلى التساؤل الوجودي العميق.
  • بروز التقنية والعلم كبدائل للفكر الفلسفي الكلاسيكي، مما يفرض نوعًا جديدًا من التفكير لا يكتفي بالتأمل النظري. ان مهمة التفكير الجديدة هي ما يدعو إليه هايدغر بديلاً عن الفلسفة بصيغتها التقليدية. هذا التفكير:
  • ليس إنتاجًا لمفاهيم جديدة، بل عودة إلى التساؤل الأصيل عن الوجود.
  • يهدف إلى استعادة العلاقة الوجودية بين الإنسان والعالم، في زمن تغلب فيه التقنية ويغيب فيه المعنى.
  • يتطلب لغة جديدة أبسط وأقرب إلى جوهر الوجود، بدلًا من اللغة الاصطلاحية المعقدة.

   في النهاية، هايدغر لا يعلن موت الفلسفة، بل يدعو إلى تجاوزها نحو أفق أعمق من التفكير، أفق يعيد الإنسان إلى حضوره الحقيقي في العالم. 

الخلاصة

   هايدغر لا يقول إن الفلسفة ماتت، بل إنها أكملت وظيفتها: فهم الوجود عبر الموجودات، كما بدأ الإغريق. لكن هذا الطريق وصل نهايته، لذا نحن بحاجة إلى تفكير جديد. وان نهاية الفلسفة تعني اكتمال مسارها الميتافيزيقي، لا زوالها. اما مهمة التفكير عند هايدغر هي العودة إلى التساؤل الأصيل عن الوجود، بعيدًا عن المفاهيم الجاهزة واللغة المعقدة. في عصر تسيطر فيه التقنية والعلم، يدعونا هايدغر إلى تفكير حقيقي يعيد الإنسان إلى علاقته بالوجود، ويؤسس لحضارة لا تفصل بين المادة والروح.

وأكثر توضيحا وتفلسفا نقول ان:

في زمن انتهت فيه الفلسفة، تبدأ مهمة التفكير
هايدغر لا ينعى الفلسفة، بل يشيّع مسارًا اكتمل، مسارًا بدأ منذ الإغريق حين سأل الإنسان: ما الوجود؟
لكن السؤال استُهلك، والمفاهيم تراكمت حتى حجبت الوجود نفسه.

نهاية الفلسفة ليست موتًا، بل بلوغٌ إلى تخومها.
والآن، يدعونا هايدغر إلى ما هو أعمق:
أن نفكّر، لا لنعرف، بل لننصت لما لم يُقل بعد.

في عصر طغت فيه التقنية، وتشيّأ فيه الإنسان،
لا بد من تفكير يعيدنا إلى جوهر الحضور، إلى دهشة الوجود الأولى،
تفكير لا يتعالى، بل يسكن الصمت بين الكلمات.

"ما يستحق التفكير في زمننا هو أن الإنسان لا يفكّر." – هايدغر

ليس الفهم غاية، بل الإصغاء.
هايدغر يذكّرنا: ما تبقّى لنا، ليس أن نتفلسف، بل أن نفكّر... حقًا.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية