عندما تبكي القصيدة

 

عندما تبكي القصيدة

عدنان الطائي

حينَ تبكي القصيدةُ في الدُّجى

وتئنُّ من حرِّق الجراحِ وتوجَّعِ

تنسابُ دمعاتُ الحروفِ كأنّها

وترٌ يُرتّلُ لحنَ قلبٍ موجَعِ

تهوي المعاني في صدى أنفاسها

والحرفُ في يدِها كسيفٍ خاشِعِ

تبكي إذا سُجِنَ البيانُ وخانَها

صدقُ الشعورِ بقلبِ عقلٍ خادِعِ

تبكي إذا غابَ الحنينُ كأنّهُ

عادَ الغريبُ ولم يجدْ من يُرجِعِ

وتظلُّ تبحثُ عن رُبىً موعودةٍ

في سطرِ حلمٍ أو عبيرٍ ضائعِ

يا من رأيتَ الحرفَ يبكي صامتًا

اعلمْ بأنَّ الحزنَ أبلغُ سامِعِ

تبكي القصيدةُ إن ذكرتُكِ لحظةً

فيها تعثّرا في الحروفِ موقِعي

قد كنتِ في عيني نداءً ناعسًا

يأتي على وترِ الشعورِ الأوجَعِ

هل كان ذنبي أنني أحببتُ من

خافتْ تعانقُ في المدى ما يُبدِعي؟

قالت: "فوارقُنا تُعيقُ خطى الهوى

وكأنّ عُمرَ الروحِ ليسَ بمُتَّسَعِ!"

ما بيننا شاشاتُ وقتٍ عابرٍ

لكنْ نداءُ القلبِ أقوى مسمعِ

أنا لستُ مراهقًا في غرامٍ عابرٍ

لكنّني عاشقٌ... بصدقِ المدمَعِ

فقدتِ ظلّي إذ شعرتِ بدفئه

أدفى من الدنيا... وأوسعُ أُفُقِي

فمضيتِ... والصمتُ الثقيلُ جدارُنا

وبكيتُكِ، وبكاءُ قلبي أدمَعِي

لكنْ رجائي في اللقاءِ مؤجَّلٌ

ما دام في صدري نَفَسٌ لم يَضْوَعِ

ستعودُ ضحكتُكِ الخجولةُ ذاتَ يومٍ،

تخترقُ جدرانَ المسافةِ مسرعي

وسألتقيكِ، فلا الزمانُ يقيّدُ الـ

أشواقَ، لا... ولا السنينُ بمانِعِ

وحينَ نلتقي، تموتُ مخاوفي

ويُقالُ: ها قد عادَ صبرُ المُولَعِ!


 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية