حنين بلا وطن

 

 

تمهيد لقصيدة "حنين بلا وطن"
بقلم عدنان الطائي

   في زحمة الأصوات، ثمة صوت داخلي يهمس... لا يسأل عن وجهة، ولا ينتظر جواباً. إنه الحنين، ذاك الزائر الأليف الغريب، الذي لا يأتي من مكان، ولا يرحل. ليس الحنين إلى بيتٍ أو شارعٍ أو صورة...بل هو حنين إلى شعورٍ قديمٍ بالانتماء، إلى ظلّ الذات حين كانت تعرف ملامحها. في هذه القصيدة، لا يتّكئ الحرف على أرض، ولا يستند القلب إلى جدار. إنها كتابةٌ من داخل الفراغ — حيث يتحوّل الغياب إلى حضور، واللا مكان إلى كل الأمكنة. (حنين بلا وطن) ليست فقط قصيدة، بل بوصلة مكسورة في يد شاعرٍ يمشي في الريح، باحثاً عن وطنٍ قد يكون... كلمة.

حنين بلا وطن

أكتبُ كي لا أتورّطَ في الذاكرة،
فالذكرى مرآةٌ تُعيدني إلى ظلٍّ لا أعرفه.
لم أعبر سوى هاويةٍ
تتّسع كلما ظننتُ أني اقتربتُ من مخرجها.

 

أبوحُ لغيمٍ لا يمطر،
لوطنٍ لم أسكنه سوى في الحنين.
هويتي؟ صدى سؤالٍ
يرتدُّ من جدارٍ لا صدى فيه.

كلماتي طيورٌ مهاجرة
لا تبحث عن عشّ، بل عن سماءٍ تحتملها

 ورحلتي؟ دورانٌ في الريح،
بخطوةٍ خافتةٍ لا تُحدث أثراً.

 

أنسجُ من الحروف ملاذاً مؤقتاً،
فالعالمُ ممتلئ، وأنا خفيف كالوهم.
رمادٌ تذروه ريح،
لكنني أقاوم بالكتابة،
لعلّ سطراً ما، يوماً،
يعيد ترتيب الغياب.

 

وفي نهاية رحلتي،
لم أعد أسأل: أين وطني؟
بل: من أنا حين لا أجدني فيه؟
فالحنين لا يحتاج خريطة،
يكفيه أن يسكن فيَّ... بصمت.

 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية