الخروج من عبثية المعنى
(نحن
المعنى... حين يغيب المعنى.. حين يرمّم الرفق بالحيوان عبث الحياة
نعم عندما يغيب المعنى، يبقى الأمل ملاذنا،
والتفاؤل دليلنا في عتمة الطريق. في زمن تتكاثر فيه الحروب، تتراجع فيه القيم،
تبهت فيه الملامح... نبحث عن ضوء، عن حكمة،
عن نبضة حب تُعيد للإنسان إنسانيته.. يا
له من نص مفعم بالتأمل العميق والربط الإنساني الرقيق. فكرة تجمع بين غياب المعنى
وسعي الإنسان الدائم لخلق أمل، حتى وسط الظلام... وفي هذا السياق، الربط بين
الأمل، والسلام، والحب، وبين الرفق بالحيوان هو مفارقة جميلة ومعبرة جدًا.
إن الحروب، بكل ما فيها من ضجيج ودمار، لم
تصنع يومًا سلامًا. السلام لا يُولد من رحم الكراهية، بل من حضن
المحبة. الحب وحده، هو القادر على ترميم ما تهدم، وبناء
جسر يصل بين القلوب قبل أن يصل بين الأمم. وهنا... في
هذا المعنى العميق، تتسلل مفارقة تبدو بسيطة، لكنها عظيمة: رفقنا بالحيوانات. كأننا حين
نُطعم قطة، أو نُلاعب كلبًا، أو نُجنّب طيرًا الخوف، نُعيد ترتيب فوضى العالم. كأننا نقول للكون: لا زال في القلب مساحة لسلام لا يشترط سببًا، لحب لا
ينتظر المقابل.
قال لي صديقي يومًا، وهو من محبي الحيوانات:
"أشعر أن الحيوانات تعرف شيئًا عن الجنة... عن الأمل... عن السلام الذي لا
نعرفه نحن.. ابتسمتُ، وشعرتُ أنني فهمتُ شيئًا جديدًا عن المعنى. فلنُرفق بالحيوان، لا لأنه ضعيف، بل لأننا نستعيد من خلاله جزءًا من
أنفسنا... ذلك الجزء الذي لم تُفسده الحروب ولا الصراعات وتدمر الامل، بينما الحب،
والرفق، والرأفة، هي التي تعيد ترميم العالم من جديد — لا فقط بين البشر، بل مع كل
كائن حي يشاركنا هذا الكوكب.
ان حديثه عن ان
الحيوانات تدرك هناك جنةً وأملاً، فأنه يحمل قلبًا نقيًا يرى ما لا يراه كثيرون.
فالحيوان لا يعرف الحروب، لا يخطط للدمار، بل يعيش بغريزة فطرية تتجه نحو التوازن،
نحو الأمان... وهذا يجعل الرفق به شكلاً من أشكال السمو الأخلاقي، الذي يعكس قدرة
الإنسان على تجاوز قسوته. فهل من معنى اخر أسمى من أن نحب بلا مقابل،
ونحمي من لا يملك صوتًا؟ لعلنا بهذا نقترب من المعنى، من الجنة، من السلام الحقيقي...أليس الرفق بالحيوان هو
أحد أشكال الحب الذي لا يعرف التفرقة؟ وربما في هذه البساطة تكمن أعظم الحكم.
الخلاصة
في عالم يتشظى فيه المعنى، ونغرق في أسئلتنا
التي لا تنتهي، يبدو كل شيء عبثيًا. ومع ذلك، يولد شيء صغير لا يُفسَّر: الحب. وأجمل ما فيه... رفق الإنسان بالحيوان.
أن تحنو على كائن لا يفهم لغتك، لكنه يفهم قلبك. أن تمنح لحظة
دفء، دون انتظار مقابل. ربما لا نحتاج إلى أن نفهم الحياة، بل أن نرأف
بها. فالرفق بالحيوان ليس فعلًا بسيطًا... إنه فعل
مقاومة في وجه العبث. إنه حبٌّ خالص... يعيد ترتيب فوضى العالم بهدوء،
ويرمّم المعنى، حين يغيب.
عدنان الطائي
تعليقات
إرسال تعليق