العراق بين القمع والتغيير: هل يمكن كسر هيمنة الإسلام السياسي؟

 


"الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا العالم الظالم هي التمرد عليه"
ألبرت كامو
رأيي الجدلي بهذه المقولة هو أن ألبرت كامو كان يعتقد أن العالم يمكن أن يكون ظالماً وعدوانياً، ولكن هذا لا يعني أننا يجب أن نستسلم لهذا الوضع. بدلاً من ذلك، يجب أن نتمرد عليه ونحارب من أجل العدالة والمساواة.
هذه المقولة تنطبق على العديد من الدول في العالم التي تعاني من الظلم والعدوان، مثل:
- الدول التي تعاني من الديكتاتورية والاستبداد، حيث يتم قمع الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين.
- الدول التي تعاني من التمييز والعنصرية، حيث يتم تهميش وتقويض حقوق الأقليات.
- الدول التي تعاني من الفساد والاستغلال، حيث يتم نهب ثروات البلاد وتمييز المواطنين. كما في العراق...
حيث يمكننا اضافة التخادم الأمريكي الإيراني الى محور الشر في العراق، حيث يهدف هذا التعاون إلى تحقيق مصالح مشتركة لهما في منطقة الشرق الأوسط.. إيران تحاول التوسع في المنطقة طائفيا وامريكا تستغل نفوذها لسرقة ثروات المنطقة وجعلها سوقا لسلعها. هذا التعاون قد أدى إلى العديد من النتائج السلبية، بما في ذلك:
- دعم الميليشيات الشيعية في العراق، مما أدى إلى زيادة التوترات الطائفية والعنف في البلاد.
- دعم الحكومة الإيرانية في قمع المعارضة الداخلية والحركات الديمقراطية في المنطقة.
- تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، مما أدى إلى زيادة التوترات مع الدول العربية الأخرى.
كما أن الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 قد أدى إلى دمار كبير في البلاد، بما في ذلك:
- تدمير البنية التحتية والاقتصاد العراقي.
- زيادة التوترات الطائفية والعنف في البلاد.
- ظهور الجماعات الإرهابية مثل داعش.
هذا الاحتلال قد تم بالتعاون مع بعض القوات السياسية والدينية في العراق، بما في ذلك بعض القادة الشيعة الذين كانوا يهدفون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة من خلال التعاون مع الأمريكان وخصوصا المكون الكردي والشيعي.. فذهبوا الى قبول الاملاءات الامريكية وأصبحوا اتباعا لسياسته الاستيطانية لقاء استلامهما السلطة من المكون السني.
من المهم أن نلاحظ أن هذه الأحداث لها تأثيرات كبيرة على المنطقة والشعب العراقي، ويجب أن نعمل على فهم هذه الأحداث وتحليلها بشكل دقيق من أجل بناء مستقبل أفضل للمنطقة وتفكيك احلام ترامب ان كان صادقا من جعل منطقة الشرق الأوسط ينعم بالسلام والرفاهية لا حروب فيها ومحاربة الفساد والتطرف الطائفي ام منهجه ابتزازي لسراق المال العام بالتعاون مع الانبطاحين له من لصوص السلطة العراقية الذي أمريكا اختارت الحكومة بالتعاون مع ايران وادعائه انه قد جمع معلومات دقيقة على كميات المبالغ المسروقة.
فالإجابة معنى مقولة كامو التي عكست قراءة نقدية معمقة للواقع السياسي في المنطقة، حيث هناك ترابط بين المقولة الفلسفية لكامو والواقع الجيوسياسي في الشرق الأوسط، خاصة في ظل التداخل بين المصالح الأمريكية والإيرانية. فكرة "التمرد" عند كامو يمكن أن تكون مدخلاً لتحليل الوضع العراقي، حيث يُطرح السؤال: كيف يمكن لشعبٍ يعاني من هذا التخادم الدولي أن يتمرد بشكلٍ فعال على الفساد والطائفية والاستبداد؟ اما شعارات ترامب حول السلام ومحاربة الفساد الم تكن سوى أدوات ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية؟ سواء عبر ابتزاز الطبقة السياسية الفاسدة في العراق أو عبر الدفع نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل ضمن مخطط "الشرق الأوسط الجديد". فهل كان يسعى فعلاً لإرساء السلام، أم أن هدفه الحقيقي كان ضمان بقاء المنطقة في حالة عدم استقرار يُمكن استغلالها اقتصاديًا وسياسيًا؟
فالإجابة على السؤال الأهم: كيف يمكن لشعبٍ يعاني من هذا التخادم الدولي أن يتمرد بشكل فعال؟ فالتمرد هنا لا يعني فقط الاحتجاج، بل بناء وعي وطني يرفض الاستغلال الداخلي والخارجي. اما الإجابة على السؤال الجوهري هل كان يسعى ترامب حقًا للسلام، أم أنه كان يعمل على إبقاء المنطقة في حالة عدم استقرار لخدمة المصالح الأمريكية؟ وان رفع شعار نشر السلام ومحاربة الفساد مجرد شعارات وأدوات ضغط وابتزاز للسلطة العراقية الفاسدة. ونحن نعلم جميعنا ان أمريكا مازالت تعمل بنظرية الفوضى الخلاقة ولن تتخلى عنها.
واخيرا كما يبدو ان الشعب العراق لا يرى نور الحرية والحكم الرشيد وان يختار حكومته من بينه ويبقى تحت نير حكم الاسلام السياسي الذي امتهن السرقة والقتل فما هو الحل يا ترى والشعب وصل الحال به عدم امكانية التمرد بالشكل الذي صورته فلسفة كامو، نظرا لتدجينه وتهديده؟
الحل في ظل استحالة التمرد الشعبي المباشر:
إذا كان الشعب العراقي قد دُجّن تمامًا بسبب القمع والتهديد، فإن المواجهة المباشرة تصبح شبه مستحيلة. لذا، يمكن التفكير بحلول أكثر واقعية، مثل:
1. تفكيك المنظومة من الداخل – دعم شخصيات سياسية وعسكرية غير متورطة بالفساد والطائفية، وتشجيع الخلافات بين أجنحة السلطة الحاكمة لإضعافها.
2. إعادة بناء الوعي الشعبي – نشر الفكر النقدي والعلماني عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، لاستعادة قدرة الشعب على الرفض والمطالبة بالتغيير.
3. التعاون مع القوى الدولية – إذا كانت هناك إمكانية لتحالفات خارجية تخدم مشروع التغيير العلماني دون أن تكون استغلالية، فيمكن استخدامها كوسيلة ضغط. مثل أمريكا إذا اعتمدت سياسة التوازن في المصالح واحترام سيادة العراق.
4. الرهان على الأجيال الجديدة – دعم التعليم الحر والتواصل مع الشباب، لأن أي تغيير جذري يحتاج إلى تحولات فكرية طويلة الأمد.
5. خلق حركات معارضة غير تقليدية – بدلاً من المواجهة المباشرة، يمكن العمل بأساليب سرية أو غير مركزية، مثل العصيان المدني الاقتصادي، وتكوين شبكات فكرية وثقافية مؤثرة.
اذن الواقع صعب، لكن الأنظمة الفاسدة لا تبقى للأبد، والمفتاح هو زراعة بذور التغيير، حتى لو استغرق ذلك وقتًا طويلًا. ويا ترى من هي الجهة التي تستطيع انجاز المهمة إذا غاب التمرد وبقي القمع المفرط؟
في ظل غياب التمرد الشعبي بسبب القمع المفرط، فإن تنفيذ هذه الحلول يعتمد على جهات بديلة تمتلك القدرة على التغيير، حتى ولو بشكل تدريجي. هذه الجهات تشمل:
1. النخب الوطنية داخل النظام – هناك شخصيات داخل الدولة (عسكرية، مدنية، اقتصادية) قد تكون غير راضية عن الفساد والطائفية، ويمكن أن تتحرك لإحداث تغيير داخلي، ولو على شكل تصدعات تدريجية في بنية السلطة.
2. المعارضة السياسية في الخارج – قد تلعب دورًا في كشف الفساد، الضغط الدبلوماسي، والتواصل مع جهات دولية داعمة لأي إصلاح سياسي.
3. المجتمع المدني والإعلام المستقل – رغم التهديدات، لا يزال هناك إعلاميون ونشطاء قادرون على فضح الانتهاكات وزرع وعي جديد بين الأجيال الشابة.
4. القوى الإقليمية والدولية – إذا كانت هناك جهات خارجية تتضرر من بقاء الإسلام السياسي الفاسد، فقد تستثمر في دعم تيارات علمانية أو إصلاحية بديلة.
5. الشباب والجيل الجديد – بناء حركة فكرية داخلية بطيئة لكن مستمرة، تراهن على تغيير العقلية العامة على مدى السنوات القادمة، بدلًا من مواجهة مباشرة محسومة لصالح السلطة.
إذن، الحل لن يكون عبر انتفاضة جماهيرية سريعة، بل عبر تراكم الضغوط الداخلية والخارجية، وخلق بدائل فكرية وسياسية قادرة على استغلال أي لحظة ضعف في النظام لفرض التغيير.
عدنان الطائي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العربية واللغات الأخرى: تفوق لغوي أم تأثر متبادل؟

العنوان: بين العقل والعدم: رحلة فلسفية وعلمية لإثبات وجود الله

التقسيم البشري على أساس أولاد نوح: دراسة نقدية