الخيانة تقتل الثقة، لكن الغفران لا يعيدها كما كانت.
رحيل الثقة أصعب من
رحيل الأشخاص
وليم شكسبير
مقولة شكسبير "رحيل الثقة أصعب من رحيل
الأشخاص" تعكس بعمق أثر الخيانة أو فقدان الثقة في العلاقات الإنسانية. ما
قصده شكسبير هنا ليس مجرد فقدان الأشخاص جسديًا أو بانتهاء العلاقة، بل الانهيار
العاطفي والنفسي الذي يرافق فقدان الثقة.
عندما يرحل شخص ما عن حياتنا، نشعر بالحزن
والألم، لكن الزمن قد يخفف هذه المشاعر مع مرور الوقت. أما فقدان الثقة، فيترك
جرحًا أعمق لأنه يزعزع إحساسنا بالأمان والصدق في العلاقات. قد نستمر في التعامل
مع الشخص الذي خسرنا الثقة به، أو نبتعد عنه جسديًا، لكن تبقى الندبة النفسية التي
يصعب التعافي منها.
شكسبير ربما أراد التأكيد على أن الثقة هي
الأساس الذي تبنى عليه العلاقات، وعند انهيارها، لا ينهار شخص واحد فقط، بل تنهار
قيم مثل الأمان والاحترام والصدق. ولهذا السبب، قد يكون من الأصعب تجاوز فقدان
الثقة مقارنةً بفقدان الأشخاص أنفسهم ولن تعود بعد ان تكسرت كالزجاج ...
صحيح، التشبيه بالزجاج الذي ينكسر ولا يعود
كما كان يعكس تمامًا هشاشة الثقة. عندما تتكسر الثقة، حتى لو حاولنا إصلاحها، تبقى
الشقوق واضحة، تذكّرنا دائمًا بما حدث.
لكن في بعض الحالات، قد يختار الشخص تجاوز
فقدان الثقة بدافعٍ من العقلانية أو المصلحة أو حتى حبًّا في الحفاظ على العلاقة.
وهذا لا يعني أن الثقة عادت بالكامل، بل ربما يكون الأمر أشبه بتوقيع هدنة داخلية.
في هذه الحالة، يستمر التعامل بواجهةٍ من الاحترام، لكنه قد يكون احترامًا باردًا
خالٍ من الدفء الذي تمنحه الثقة الحقيقية.
كما أن التغاضي أحيانًا يكون استراتيجية
للبقاء في دائرة الأمان أو لتحقيق أهداف معينة، خاصةً في العلاقات المعقدة، مثل
العلاقات العائلية أو المهنية. لكن في العمق، يظل الشعور بالخيانة أو الخذلان
حاضرًا، وربما يظهر عند أول اختبار جديد.
في النهاية، يمكن القول إن تجاوز فقدان الثقة
ليس بالضرورة دليلًا على النبل أو التسامح المطلق، بل قد يكون مجرد توازن مؤقت بين
العاطفة والعقل، بين الرغبة في الاستمرار والخوف من تكرار الألم وتجاوز ازمة نفسية
قد تؤدي الى اكتئاب حاد
عدنان الطائي
تعليقات
إرسال تعليق